استقبل ماستر مهن الإعلام وتطبيقاته يومه الاثنين السابع والعشرين من أكتوبر, على الساعة التاسعة صباحا بفضاء الإنسانيات جامعة ابن زهر اكادير رئيس التحرير بقناة فرانس 24 الصحفي المغربي جمال بودومة .
جاء هذا اللقاء في إطار الدرس
الافتتاحي للدفعة الثالثة من ماستر مهن الإعلام وتطبيقاته والذي حمل عنوان :
القنوات التلفزيونية العربية بأوروبا ,فرانس 24 نموذجا .
اشرف على تسيير هذا الدرس كل من
الدكتور عمر عبدو,رئيس الماستر والدكتور مختار الموحل مهندس بيداغوجي بنفس الماستر
,في حين اشرف الصحفي جمال بودمة على تاطيره.
في هذا الصدد عبر جمال بودومة عن
سعادته في للتواصل مع الطلبة الإعلاميين حول مسالة المهنية في العمل الصحفي من
خلال تجربته الإعلامية في القناة الدولية فرانس 24.
هذه التجربة حاول من خلالها الصحفي
المحاضر أن يضع الطلبة أمام سياق تاريخي و مرجعيات سياسية كانت وراء تأسيس قناة
فرانس 24 مع إبرازه لأهم مكونات القناة واليات اشتغالها .
حيث أفاد انه خلال فترة تأسيس قناة
فرانس24 سنة 2006, لم يكن المشهد الإعلامي الفرنسي يتوفر على قنوات إخبارية دولية
مئة بالمائة. وفي هذا الصدد جاءت فرانس 24 من اجل تغطية النقص الحاصل في القنوات الإخبارية
الدولية معتمدة بالأساس عل اللغة الفرنسية في بدايتها اعتبارا لمدة البث التي لم
تكن تتجاوز 6 ساعات في اليوم .
وأعزى
هذا التأسيس لمؤسستان إعلاميتان كبيرتان هما تي اف ان وهي
قناة تلفزيونية خاصة ذات تمويل خاص وفرانس تلفزيون, ذات القطب العمومي التي تمول
من طرف الدولة وتهتم أساسا بالشأن الإخباري الوطني في فرنسا بالدرجة الأولى ثم
بالجانب الدولي بالدرجة الثانية.
كما أشار بودومة إلى كون المشاريع
الكبرى من هذا الحجم تتحكم فيها خلفيات سياسية كما تكون ورائها إرادة سياسية تتغير
بتغير الفاعل السياسي.
كما صرح أن مشروع فرانس 24 هو مشروع
الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك والذي حامت شكوك حول مدى استمرار يته نظرا لعدم
اقتناع الرئيس الفرنسي ساركوزي بالمشروع حين استلامه الرئاسة لكن المشروع في
النهاية كان قد انطلق.
وفي ذات السياق ، اجري تغيير على
المساهمين حيث خرج المساهم الرئيسي ت اف1 وأعيدت تشكيل المجموعة, حيث أصبحت الدولة
الفرنسية هي المساهم الرئيسي.
كما أكد بودومة ان القناة لم تكن
حكومية أو قناة رسمية رغم التمويل الحكومي وان هناك فرق واضح بين الخط التحريري
والمساهمة المالية. حيث تخضع القناة لضوابط الاتفاقية الجماعية للصحفيين بفرنسا
وتخضع لأخلاقيات المهنة التي تضمن الحرية الكاملة للقناة في ممارسة عملها كقناة
إخبارية
شهد الدرس الافتتاحي كشف النقاب عن
بعض المفاهيم الأساسية في الحقل الإعلامي، حيث أوضح أن هناك نوعين من القنوات
إحداهما شاملة وأخرى متخصصة وكل واحدة منهما ذات برمجة معينة.
فالقنوات الشاملة تعتمد على برمجة
متنوعة وتكون الأخبار إحدى مكوناتها حيث تهيئ في وقت كافي مقارنة مع القنوات
الإخبارية المتخصصة وتبث ثلاث مرات في اليوم كقناة فرانس 2 وفرانس 3 في حين ان
القنوات المتخصصة تبث الأخبار فقط عل مدار الساعة
ولعل الجزء الأكبر من هذه المفاهيم
اسقط على قناة فرانس 24 باعتبارها محط النقاش وموضوع الدرس الافتتاحي اذ أفاد أنها
تستهدف الجمهور الدولي الذي يتوزع حسب مناطق جغرافية واسعة حسب اللغة
.
ويبقى الجمهور المستهدف بالدرجة
الأولى باللغة الفرنسية هو جمهور إفريقيا الفرانكفونية والمغرب الكبير في درجة
ثانية وبعد ذلك يأتي فرنسيوا العالم المنتشرين في عدة بلدان اما الجمهور المستهدف
باللغة الانجليزية ذلك المتواجد منطقة أسيا الناطقة بالانكليزية كالهند وباكستان.
أما فرانس 24 باللغة العربية التي
تعد أكثر مشاهدة في المغرب فتستهدف بالأساس جمهور المغرب الكبير بدرجة أولى وبدرجة
ثانية جمهور الشرق الأوسط حيث تسخر وسائل القناة وشبكات البرمجة لتعمل بالأساس على
هذا التوجه أي الاقتراب أكثر من الجمهور.
وفي هذا الإطار يبقى الجمهور
المستهدف هو المحدد الرئيسي لترابية الأخبار, وان شبكة البرامج الإخبارية تنجز
بناءا على استهدافها للجمهور، مراهنة بذالك على تحقيق اكبر نسبة مشاهدة.
كما أشار الصحفي المحاضر, أن الرهان
على مناطق آسيا الناطقة بالانكليزية بدرجة أولى ثم بعد ذلك الولايات المتحدة
الأمريكية وبريطانيا جاء لاعتبار تتعلق بالخط التحريري أولا والتسويق للقناة في
الخارج لان سوق المشاهدة يعرف منافسة شرسة من طرف قنوات عريقة ومكرسة كا البي بي
سي وسي ان ان
كما أن الاختيار الاستراتيجي لهذه
المؤسسة الإعلامية يصطدم بتوجهات معينة وهي المنافسة الأكثر شراسة من طرف قناة
الجزيرة والعربية وسكاي نيوز لذالك هناك اختيارات على مستوى الخط التحريري
والاستراتيجي تحاول أن تتأقلم مع هذه المنافسة بالوسائل المتاحة
وفي هذا السياق أفصح الاستاذ بودومة
على الفرق الكبير والواضح في شروط المنافسة المالية التي تتمتع بها القنوات
الخليجية مقارنة مع فرانس 24 مشيرا إلى أن هذه الأخيرة في ظل عدم التوازن في
الإمكانيات تحاول أن تعتمد على مجموعة من الامتيازات والإمكانات التي لا تتواجد
عند المتنافسين.
هذه الامتيازات أجملها في حرية
التعبير باعتبار القناة تتواجد ببلد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وهناك مسار
ومكتسبات حقيقية في مجال حرية التعبير تستفيد منها فرانس 24عكس القنوات الخليجية
التي تبقى رهينة سياسة محددة تابعة لرأس المال الاقتصادي للقناة
.
كما أجملها في وحدة المكان والفضاء
الذي يجتمع فيه صحفيو القنوات الثلاث دون حدود ويشتغلون فيه في جو من التعاون حيث
يتم الاستفادة من مؤسسات إعلامية ضمن نفس المجموعة لان فرانس 24 بلغاتها الثلاث هي
جزء من مجوعة كبرى تدعى الإعلام الفرنسي الخارجي التي صارت منذ سنتين تدعى بفرانس
ميديا موند.
هذه المجموعة حسب الاستاذ بو دومة ،
تضم إلى جانب القنوات الثلاث إذاعة فرنسا الدولية وهي إذاعة عريقة تملك تجربة
كبيرة في إطار الإعلام الدولي ولها شبكة مراسلين واسعة ، كما تضم إذاعة أخرى وهي
مونت كارلو الدولية الناطقة باللغة العربية التي تملك شبكة واسعة من المراسلين
وتحظى باهتمام كبير من طرف دول المشرق.
وفرانس 24 تستفيد من هذه الشبكة ومن
مراسليها على مستوى تبادل الطاقات هذا التعاون أدى بالطبع إلى نتائج ملموسة حيث
استطاعت فرانس 24في وقت وجيز أن تتفوق على الجزيرة في تونس حيث سجلت اكبر نسبة
مشاهدة لاعتبارات خاصة منها أن القناة تولي اهتمام كبير لتونس ولها قصة وطيدة معها
.
هذه القصة نسجت أحداثها عندما بدأت
الاحتجاجات في تونس واعتقدت السياسة الفرنسية أن نظام زين العابدين بن علي سيخرج
سالما من الأحداث ، حيث عبر الموقف الرسمي الفرنسي من خلال موقف وزارة الخارجية
آنذاك , مشيل اليو ماري , الاقتراح بن علي إرسال وحدات أمنية للإشراف على قمع
الاحتجاجات .
بالمقابل كانت قناة فرانس 24
بالعربية تستقبل آنذاك كل المعارضين بحكم تواجد الكثير منهم بباريس وأوروبا بما
فيهم زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي و رئيس الجمهورية الحالي المرزوقي، وبعد إسقاط
النظام في تونس اكتشف السياسي الفرنسي أن فرانس 24 بالعربية صححت الخطأ السياسي
الفظيع الذي ارتكبته الدبلوماسية الفرنسية.
كما صرح رئيس التحرير بقناة فرانس 24
العربية بان القنوات المنافسة فقدت مصداقيتها ومشاهديها من خلال تغطيتها
اللامتوازنة لأحداث تونس,والتي كانت تعتمد بالأساس على توجيهات سياسية بدت واضحة
للعيان , ومن هنا حصل وعي لدى السياسيين الفرنسيين بأهمية القنوات العربية التي كانت
مهمشة في بداياتها .
وفي شق آخر تطرق الاستاذ للمهن التي
تصنع نشرة الأخبار داخل القناة الإخبارية فرانس 24 والمتجلية في
:
– مدير
التحرير للقنوات الثلاث,و هو الذي يحدد الخط التحريري العام للقناة, من خلال
اجتماع تحريري يعقد صباح كل يوم بمشاركة مدراء القنوات الثلاث ,رؤساء
التحرير وممثلين عن بقية المهن ويفترض في مدير التحرير أن يكون ملما على الأقل
بثلاث لغات
– رؤساء
التحرير, وعددهم ستة ,يتناوبون على الفترات الإخبارية باعتبار القناة تبث 24 ساعة
على 24 ساعة, مهمتهم الإشراف على كل ما يبت أثناء فترة شغلهم في القناة ويوزعون
الشغل على الصحفيين وينشطون اجتماع التحرير, ثم يشرفون على هيكلة
النشرة ويحددون تراتبية الأخبار و العناوين.
– مساعد
رئيس التحرير الذي يقوم بالاتصال مع المراسلين والصحف بطلب من رئيس التحرير ويكون
على تواصل مستمر مع مقدم الأخبار ورئيس النشرة ويتصل أيضا بمصلحة الإنتاج التي
تشرف على كل ما يتعلق بالوسائل التقنية كما يشرف على عمليات النقل المباشر.
– مقدم
النشرة هو الصحفي الذي يكتب نشرة الأخبار ويذيعها مشيرا بذالك إلى وجود مدرستان في
تقديم نشرة الأخبار, هما المدرسة الفرنسية حيث الصحفي يكتب نشرته ويذيعها والمدرسة
الانجلوسكسونية التي يكون فيها المقدم مذيعا فقط, حيث تكتب النشرة من طرف رئيس
التحرير .
كما أشار إلى وجود تشابه في نشرات
الأخبار التي تقدمها المدرسة الانجلوسكسونية واختلاف في النشرات الإخبارية التي
تقدمها المدرسة الفرنسية باعتبار أن هناك أسلوب معين يرتبط بمقدم النشرة وعلى رأس
القنوات التي تعتمد المدرسة الانجلوسكسونية الجزيرة وسكاي نيوز حيث غالبا ما تبدا
نشراتها الإخبارية بجملة فعلية على خلاف فرانس 24 التي تعتمد المدرسة الفرنسية
وغالبا ما تبدأ الخبر بجمل اسمية.
هذا الاختلاف الجوهري في تقديم
الأخبار يرجع حسب قول الصحفي المحاضر إلى الصيرورة التاريخية المرتبطة بحرية
التعبير في فرنسا وببند الضمير الذي ينص على انه لا يمكن أن تفرض على الصحفي أن
يقرا شيء لم يكتبه آو ليس مقتنعا به.
– رئيس
النشرة وهو الذي يشرف على تنفيذ تعليمات رئيس التحرير من خلال ترابية الأخبار،
يرافق مقدم الأخبار إلى الأستوديو ويكون في الغرفة التقنية ، فهو رئيس التحرير
التنفيذي للأخبار وهو المسؤول عن كتابة المضامين والعناوين التي تكتب على الشاشة و
المكلف بالتواصل مع مهندس الصوت, والمخرج وجميع التقنيين في الغرفة التقنية
– رئيس
نشرة مساعد، وهو المكلف بتحضير الصور التي ترافق تدخل المراسل في منطقة معينة،
ويضل في غرفة التحرير في تواصل مستمر مع رئيس النشرة.
-الصحفي
المحرر داخل عرفة الأخبار ، هو الذي يعد التقارير يقوم بالتوضيب والتعليق على
الصور ، تحت إشراف رئيس التحرير حسب المواضيع التي تم اختيارها للنشرة
.
-الصحفي
المراسل، مكلف بالأخبار حسب المنطقة الجغرافية التي يتواجد بها وهو احد مصادر
الأخبار الرئيسية حيث يقوم بتغطية الأحداث من خلال مداخلات آو انجاز تقارير هناك
أيضا صحفي مراسل يشتغل من داخل القناة اي المقر المركزي ويرسل لتغطية بعض الأحداث
حيث يكلف بمناطق النزاع أو بتحقيق أو تقارير تحتاج إلى وقت طويل
.
– المعلق
وهي وظيفة تعتمدها أساسا المدرسة الفرنسية, حيث يختص الصحفي في التعليق على مواضيع
من نوع معين من قبيل الرياضة أو العلاقات الدولية أو الاقتصاد من داخل النشرة وله
الحق في إقحام الذاتية من اجل التحليل حيث يعالج الحدث من زوايا مختلفة. وفي هذا
الإطار أشار إلى أن الجزيرة تفتقد لمعلقين وهو ما يدعوها إلى الاستعانة بالضيوف،
حيث إذا ما أرادت التعليق عن خبر ما.
– منسق
الصور هو مكلف باستقبال الصور التي تصل عن طريق الوكالات الإخبارية وتركيب ملخص
حول المواضيع التي تتحدث عنها هذه الصور,كما يؤسس لكيفية استعمال هذه الصور داخل
النشرة الإخبارية ويكون على اتصال دائم برئيس النشرة ورئيس التحرير ليخبرهم عن كل
الصور التي تصل, كما يتكلف بمسالة أساسية وهي المواعيد المباشرة المقررة من طرف
الوكالات.
– مدقق
لغوي يستمع إلى التقرير قبل أن يبت للحفاظ على السلامة اللغوية لكل ما يبث على
الهواء
– مصلحة
التوقعات و تتكلف بحصر المواعيد الأساسية التي ستصنع الحدث غدا أو الأسبوع المقبل
أو خلال شهر
– قسم
الضيوف، يحدد المواعيد ويستقبل الضيوف كل هذه المصالح تشتغل على ثلاث لغات مع
مراعات خصوصية كل قناة .
– تقني
الأستوديو الذي يشرف على الأستوديو الذي تداع منه الأخبار ، يكون
دائما جاهزا من داخل الأستوديو لاستقبال المذيع والضيوف, وتزويدهم بالمستلزمات
التقنية اللازمة لان في غيابه من الممكن ان تحدث اشكاليات في النشرة الإخبارية.
– منسق
البث وهو الذي يكون في الغرفة التقنية ويشرف على التنسيق بين مختلف التقنيين وينجز
التقرير حول الصعوبات والعوائق التي واجهتها النشرة الإخبارية من اجل تفاديها مرة
أخرى .
في نهاية الدرس الافتتاحي تطرق
الصحفي جمال بودومة بشكل مقتضب إلى مكونات النشرة الإخبارية والتي تعتمد على
التقارير التي ينجزها الصحفيون أو المراسلون وهي مكون أساسي من مكوناتها
.
هذه التقارير يأخذها مقدم النشرة
ويذيعها حسب تراتبية العناوين مع تحيينها في مقدمة النشرة خصوصا عندما تكون
التقارير مرتبطة بالميدان حينما يتعلق الأمر بارتفاع عدد القتلى أو الجرحى
.
اما الاوف , أي مجموعة من الصور التي
يعلق عليها مقدم النشرة بنفسه كما انه في غياب هذه الصور يقوم بتحيينات لتقرير
مسجل بالصوت خلال مقدمته الإخبارية .
كما أن مداخلات المراسلين والضيوف
تعد من المكونات الهامة في النشرة الإخبارية و تتراوح بين ثلاث أو أربع أشكال
للتدخل، هناك ديبليكس الذي يعتمد البث المباشر بالصوت والصورة، هناك أيضا مداخلة
عبر الهاتف مع وضع صورة المتدخل, وهناك السكايب الذي يتيح تدخل بالصوت والصورة
وبتكاليف اقل.
وتجدر الاشارة الى أن العناوين لا
تقل أهمية عن المكونات السابقة لان العناوين هي واجهة النشرة ,تكون مصحوبة بالصور
الحديثة والتعليقات ، وفي حالة عدم وجود صور حديثة يستحسن استعمال خريطة لان
استعمال صور قديمة من الأرشيف في حدث آني يدخل القناة في إطار التضليل
.
اما الشريط الإخباري فيجدد على مدار
الساعة و مرتب حسب الأولويات وعندما يكون الحدث كبير وذو أهمية قصوى يكتسي الشريط
الإخباري اللون الأحمر, كما أن مصادر الخبر مسالة أساسية مع ضرورة التأكد من
مصداقيتها .
وعموما عرف الدرس الافتتاحي في
نهايته مجموعة من مداخلات الطلبة والأساتذة الحاضرين, أغنت النقاش وأكسبت الطلبة
الإعلاميين المقبلين على تكوين أكاديمي لمدة سنتين, فكرة شاملة حول بعض المهن
الإعلامية إلى جانب تحديات العمل الإعلامي ورهاناته.
عائشة دواح
طالبة بماستر مهن الاعلام وتطبيقاته.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق