إن الاعتراف الرسمي مؤخرا باللغة الامازيغية ودسترتها ككيان لغوي وثقافي لا يتجزأ من الهوية المغربية , ساهم في تعزيز موقع الامازيغية سواء في بعده الجهوي آو الوطني ,وجعلها اختيارا استراتيجيا في إطار التنوع داخل الوحدة الترابية
وبالتالي أصبح إلحاحا على الإعلام ان ينهض بالقضايا الامازيغية
الراهنة وجعلها قضايا إنسانية تساهم في بلورة الحريات العامة,وتعزز مسار
الديمقراطية ببلادنا ,خصوصا ان المغرب شهد ولا يزال يشهد تطورا سياسيا أدى إلى
طفرة نوعية في الوعي السياسي لدى المغاربة, وفتح المجال أمام الإصلاح والتغيير في
مختلف القضايا الجوهرية
وفي هذا الإطار, يبقى الدور المنوط بالإعلام هو مساعدة المجتمع
على معرفة كل الخبايا والحقائق التي من شانها أن تشكل رافدا من روافد الوعي
والتغيير الايجابي. وتكرس لقيم الانفتاح ,التقدم ,التسامح والتضامن.وعلى رأس هذه
الحقائق حقيقة الذات المغربية وخصوصيتها
وباعتبار الإعلام الامازيغي كل منتج إعلامي يتخذ القضايا
الامازيغية بمراميها ومرتكزاتها موضوعا له,ويسعى للدفاع عنها بغض
النظر عن اللغة المستعملة امازيغية كانت او غير امازيغية , يبقى من الصعب
الإقرار بوجود إعلام امازيغي قح خارج نطاق الدوائر الرسمية الكامنة في القناة
الإذاعية والتلفزية للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة
هذه الإشكالية المطروحة جعلت وسائل الإعلام الامازيغية لا تزال
معلولة الإمكانيات بشقيها المادي والمعنوي, لا سيما المنتج الإعلامي الامازيغي
المكتوب .الذي يكاد يغيب في الأكشاك التي تعج بأنواع شتى من الجرائد والمجلات
كما أن المادة الإعلامية الامازيغية تكاد تغيب أيضا عبر
أثير الإذاعات والقنوات التلفزيونية إذا ما استثنينا الإعلام الرسمي والمواقع
الالكترونية ,التي أضحت منبرا إعلاميا حقيقيا للإنسان الامازيغي يعبر من خلاله عن
همومه وطموحاته المستقبلية
وقد دأب البعض إلى اعتبار الإعلام الامازيغي, مجرد حركة
ثقافية تفتقر إلى التجربة والاحترافية, وان الخطاب واللغة المستهلكين
في بعض وسائل الإعلام خاصة الرسمية منها يدخلان في خانة الاهتراء والركاكة, بل
ينمان عن قصور في التكوين والمواكبة حيث تنعدم فيهم المهنية والإبداع وبالتالي هذا
الفقر في التجربة والتكوين يسئ أكثر مما يخدم الامازيغية
واعتبارا لان اللغة الامازيغية والإعلام الامازيغي فرضوا
وجودهم عبر نضال مستميت,إلا أن ذلك لا يشفع في تقديم صورة غير
ايجابية عن الكفاءات والامكاتات التي يملكها الإعلامي الامازيغي , ولهذا يجب
اعتماد عامل الثقافة والتجربة والاحترافية للنهوض والانخراط في هذا الورش الحساس
ولعل ابرز التحديات التي يعرفها الإعلام الامازيغي , العجز المادي
الناتج عن قلة الإشهار إن لم نقل انعدامه, لكون الامازيغية لا تزال ضمن الطابوهات
لدى رجال المال و الأعمال؛ بل و من جانب الجهات الرسمية رغم الانفتاح الظاهري,
إضافة إلى مشاكل تقنية من قبيل التوزيع و التسويق
وبالتالي يحز في النفس عندما نعي أن المشكل لا يكمن في غياب
رؤوس الأموال بل في انعدام الاستثمار في هذا القطاع الذي يستوجب النفس الطويل
لكن رغم هذه التحديات العميقة تبقى ثورة التكنولوجيا والمعلوميات,
أرضية فاعلة وفعالة في الرقي بالإعلام الامازيغي, وإخراجه من دائرة الشأن
السياسي الضيق والخطير,ذلك عبر خلق فضاء واسع يتجاوز الحدود الجغرافيا ويجعل
المنتج الإعلامي متنوعا يحترم الخصوصيات ويسمح بتلاقح الأفكار والآراء
والثقافات
وعلى هذا الأساس باب الإبداع والتطور مفتوح على مصراعيه يستدعي
المزيد من العطاء والجدية لإعطاء صورة ايجابية عن الخطاب الامازيغي
والمضي بالإعلام الامازيعي خطوات إلى الأمام خدمة للتعددية في إطار الحفاظ
على الوحدة الترابية والهوية الوطني
وذلك عبر اعتماد مقاربات عدة تشجع المقاولات الإعلامية التي
ستوفر التكوين والتأهيل والتحفيز وتخلق فضاء للمنافسة الشريفة تحترم ذوق المواطنين
وتراهن على الإبداع والجمالية و تقوى من خلالها المهنية ويعاد من خلالها أيضا
إعادة هيكلة المؤسسات وتحيينها مع الواقع والقضايا الراهنة بالاعتماد على مقاربة
تشاركيه تحترم مقاربة النوع وتعتمد على التدبير الحكيم والرشيد للموارد
وفي أفق تحقيق إعلام امازيغي مستقل يرقى لمطالب كل المكونات
الامازيغية ويعزز موقعها, يبق الرهان مطروحا على تنمية البعد الجهوي
في تنوعه الثقافي واللغوي ,وتضافرالجهود والفعاليات للعمل على جلب رجال المال والأعمال,وذلك بتقديم
مشاريع إعلامية في المستوى كاملة البرمجة و الأهداف و تواكب تطورات العصر
الحديثة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق