الأربعاء، 1 يونيو 2016

تاوريرت الابية



قام طلبة ماسترمهن وتطبيقات الاعلام رفقة فريقه البيداغوجي بزيارة الى مدينة ورزازات التي تقع جنوب المغرب، وتحديدا عند ملتقى
 واد ورززات وواد دادس، الذين ينبعان من مرتفعات الأطلس، ويشكلان معا وادي درعة.  وهي مدينة تقع بين الصحارى والجبال قرب الأطلس الكبير ويبلغ عدد سكانها 40 ألف نسمة. اشتهرت مدينة ورزازات بقصابتها الكثيرة من أبرزها قصبة تاوريرت التي كانت محل زيارة استطلاعية لطلبة ماستر مهن وتطبيقات الإعلام وتحت اشراف الفريق البداغوجي, كانت الزيارة فرصة سانحة لاكتشاف المعالم الاثرية لبطحائنا الرائعة ,واغناء الرصيد المعرفي للطلبة التاريخي منه والثقافي
و في اطار هذه الزيارة علم طلية الماسترمن احد المرشدين السياحيين أن قصبة تاوريرت تقع في المرتفع الذي يحده شرقا دوار سيدي داود، حيث  توجد قبة الوالي الصالح سيدي داود، و شمالا مقر تعاونية الزرابي و الصناعة التقليدية، و كانت عبارة عن بيادر (انرارن) للقائد حمادي و لأهل تاوريرت فيما مضى، و جنوبا واد ورزازات، و غربا المنطقة الفندقية حيث يوجد فندقا “إبيس و ميركير” أو ما يسمى قديما بدوار تمغزازت، حيث توجد مقبرة لازالت شاهدة على هدا الدوار، و توجد بالضبط أسفل فندق “أزغور” (بينه و بين مديرية التجهيز لورزازات) و إلى اليوم مازالت قبة الولي الصالح بهده المقبرة قائمة تصارع الزمن و النسيان بنيت قصبة تاوريرت حوالي سنة 1171 هجرية، 1754 ميلادية
   كانت تاوريرت دارا للشيخ ” أمغار احماد” وهو واحد من أهم أثرياء المنطقة آنذاك و آخر من حكمها من الواوزكيتيين  يعتبر “أمغار احماد” من بين الشيوخ الواوزكيتيين الدين حكموا تاوريرت و المناطق المجاورة لها وبعد سنة من اغتياله اغتيل ابنه  “أمغار محمد”فأصبحت قصبة تاوريرت ارث لإحدى بنات “أمغار احماد” التي هي “للا صفية احماد” الي تزوجها القايد “حمادي الكلاوي” رغما عن أنفها .
و حين استثب الأمر لحمادي الكلاوي قام بتوسيعها، حيث قام بجلب البنائين من “ايت بويحيى”  “امغران”  “دادس”، و التراب من المنطقة التي تسمى “حي واد الذهب”  و الأخشاب من “واحة فينت” ;  “واحة إغلس”  “واحة تكنزالت”  “واحة تمايوست” ومن الأراضي الفلاحية التي قام بمصادرتها من الأهالي |
أما نوعية العمل فهو جماعي لكنه إلزامي “الكلفة” و إجباري باستغلال أفراد الدواوير التابعة لدائرة نفوذه بالتناوب، حيث عرف عن الأسرة الكلاوية التسلط و البطش تجاه  من يرفض تنفيذ  الأوامر، (و نذكر على سبيل المثال برج بالقصبة يسمى “برج أيت أكضيف” حيث بناه هؤلاء الأخيرين كعقوبة بالترهيب و القتل و التعذيب بعد رفضهم لبعض أوامر حمادي الكلاوي). و يستثنى من هدا العمل الإجباري فئات اجتماعية تحظى بتقدير و احترام القائد الكلاوي وهي : الفقهاء، و حفظة القرآن، و الأشراف (إكرامن) ثم الأرامل. إلا أن القصبة في عهده تظهر بنوع من العظمة و الأبهة و وسعت من اختصاصاتها، فتجاوزتها من كونها مأوى للكلاوي و حاشيته (الحريم و الخدم) إلى مقر للسلطة الجهوية، حيث أعطيت لها الأهمية باستعمال مواد التزيين و الزخرفة من الخشب المنقوش على سقف بعض الغرف : كغرفة الأكل و قبة “للاسيدي” زوجة الكلاوي الأولى الرئيسية
و تتوفر القصبة على بابان رئيسان هما : باب شمالي، يدعى ب “إمي ننرارن” (باب البيادر) و الذي هو المدخل الرئيس  من جهة  المدرجات، و يؤدي إلى “أرحبي نكلد” (ساحة الملك) التي تقام فيها حفلات أحواش، كما كان الكلاوي يتناقش فيها مع القبائل و التجار عن  شؤونهم من خلال شرفة تطل عليها، و في أحد أركان هده الساحة يوجد مدفع من صنع ألماني يعود تاريخه إلى 1884م، و هو هدية من الحسن الأول للمدني الكلاوي، قائد المنطقة الجنوبية في عهده، و هدا الباب مخصص للكلاوي و حاشيته و الضيوف,
كما يوجد بالداخل “ارحبي نكنسو” (ساحة الداخل) خاص بالحريم و الخدم. و باب جنوب شرقي، هو “إمي ننضاف” أي باب الحراس، و بعد الترميم يعلوه برج مرتفع نسبيا، و هو خاص بالعامة, المدخل من جهة دوار سيدي داوود
وتعد قصبة تاوريرت التاريخية بداخل مدينة ورزازات نموذج المعمار المغربي التقليدي التي تتكون جدرانه من الأحجار والطين، وأسقفه من الخشب والسعف، لكنها تبقى متوفرة على الماء والكهرباء فهي نموذج من تشكيلة القصبات التي تزخر بها ورزازات
 
بقصبة تاوريرت يحتل التصميم المعماري الدقةو الإتقان في الهندسة التي تجود بها يد الصانع المغربي التي أبدع وتفنن في وضع الأشكال والألوان البسيطة التي تستهوي كل من يلج هذه القصبة وخاصة السياح منهم 
تعد قصبة تاوريرت حسب ما يحكي سكانها من القصور المخزنية التي كانت تحت إمرة القائد الكلاوي، في النصف الأخير من القرن التاسع عشر، والنصف الأول من القرن العشرين, حيث حصل على شرعية الحكم من طرف سلطات الحماية الفرنسية ,وكانت قصبة تاوريريت كباقي القصبات الأخرى في وقت سابق حصنا دفاعيا يحتمي داخلها السكان محميين من طرف الجنود 
وهناك من يصنف القصبة بمثابة القصر ,لما تتميز به من ألوان ترابية التي تأتي على شكل سجادة أحادية اللون وتضم بيوتها صناديق معمارية ذات نقوش غائرة ، ونوافذ وفتحات تهوية تفضي إلى الفضاء الرحب الذي يؤهلها لرؤية موقعها المرتفع فوق الهضبات.   

وإذا كان المغرب بلد يختصر القارة الإفريقية في جغرافيته التي تجمع بين الغابات، والصحاري، والجبال، والأودية، والمياه التي تجري على شواطئه، فإن ورزازات تختصر لغة الصحراء وتاريخ الجنوب المغربي معا

اعداد عائشة دواح.
طالبة بماستر مهن الاعلام وتطبيقاته

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

author
عائشة دواح
صحفية متخصصة في العلاقات الدولية والدبلوماسية الموازية